بعد طباعة الجزء الأول من اشتراط العلمية (بفتح العين واللام).. هاتفني:
– أظنك لم تكمل القاعدة في إثبات الاسم لله عز وجل.
– صدقت.. اضطررت للسفر وسوف أرسل الجزء الثاني غدا إن شاء الله.
– أليس من حق إخوتنا أن تطلعني على مضمون المقال قبل عامة الناس؟!
– بلى… لك ذلك.
– هات.. كلي آذان مصغية.
هكذا ألزمني صاحبي بقراءة هذا المقال له قبل نشره:
– من الشروط التي يجب توافرها في الأسماء الحسنى أن تكون غير مقيدة بزمن معين-كيوم الدين فقط- أو لفئة معينة، كالمجرمين فقط.
قاطعني:
– هل لك أن تعطي أمثلة على ما تقول؟
– نعم مثل قوله سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه السلام: {إنه كان بي حفيا}(مريم:47)، فليس من أسماء الله «الحفي»؛ لأنه مقيد بإبراهيم عليه السلام.. وكذلك في قوله تعالى: {إنا من المجرمين منتقمون} (السجدة:22)، فليس من أسمائه سبحانه «المنتقم»؛ لأنه مقيد بالمجرمين فقط، وكذلك في قوله تعالى: {وأن الله مخزي الكافرين} (التوبة:2) فليس من أسماء الله المخزي؛ لأنه مقيد بالكافرين… وهكذا.
– هذه ثلاثة شروط: أن يرد الاسم في الكتاب أو السنة الصحيحة.. أو تتحقق فيه العلمية (بفتح العين واللام) وألا يكون مقيدا.. والشرط الرابع؟!
– أن يدل الاسم على وصف أي أن يكون اسما على مسمى، فالأسماء الحسنى جميعها أسماء وأوصاف لله عز وجل.. كما في قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} (الأعراف:180)، فالعبد يدعو الله عز وجل بأي من أسمائه الحسنى حسب الصفة التي يرجوها.. فمن أراد المغفرة والتوبة.. دعا الله عز وجل (التواب الغفور الرحيم)، ومن أراد النصرة والعزة دعا الله (العزيز القوي المتين).. ومن أراد الرزق والسعة.. دعا (الغني الكريم).
قاطعني:
– هل لك أن تبين هذه القاعدة بذكر مثال عكسي؟!
– نعم… في الحديث الذي ورد في البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»، فليس من أسماء الله «الدهر».. وذلك لأن «الدهر» هنا اسم جامد لا يتضمن وصفا يفيد الثناء بنفسه، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم المعنى في نص الحديث.
– وهل من العلماء من أدخل «الدهر» في الأسماء الحسنى؟
– نعم.. ذكره ابن حزم في «المحلى».
– والقاعدة الخامسة؟!
– أن يكون الاسم يدل على وصف في غاية الجمال والكمال والحسن.. كما في قول الله عز وجل: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} (الرحمن:78).. فالآية تعني أن أسماء الله الحسنى تنزه عن أي معنى من معاني النقص.
وهذه القواعد ذكرها الشيخ الفاضل د. محمود عبدالرازق الرضواني في بحثه الفريد عن أسماء الله الحسنى.
وينبغي أن نذكر هنا أن معاني الأسماء الحسنى نفهمها كما هي في اللغة العربية التي نزل بها القرآن العظيم، ومن الكمال أن تقترن بالعلو.. سواء علو الشأن أم علو القهر أم علو الذات والفوقية، فمثلا «القدير».. ورد مطلقا معرفا منونا ومرادا به العلمية ومضافا إلى معاني العلو والفوقية.. {والله على كل شيء قدير}… فهذه القواعد تجعل المرء أقرب إلى الصواب في إحصاء الأسماء الحسنى.
أراد أن ينهي المكالمة:
– أعلم أني أطلت على غير العادة.. ولكني قرأت حديثا صحيحا في (صحيح أبي داوود).. من حديث أبي رمثة.. أنه قال: «فقال له أبي (يعني قال للرسول صلى الله عليه وسلم): أرني هذا الذي بظهرك فإني رجل طبيب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها»!
– نعم.. قرأت هذا الحديث وشرحه.. أما من حيث الأسماء الحسنى.. فهذه الصفة مقيدة بما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم.. أي المعنى: «الله طبيب ما أصابني».. فليس من الأسماء الحسنى.. وبذلك نستطيع أن نرجع إلى الكتب التي ورد فيها ذكر الأسماء الحسنى لنطبق عليها هذه القواعد ونستبعد منها ما لا ينبغي أن يسمى الله به.. سواء من الكتب القديمة أو الحديثة.. سواء كتب ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وابن حجر والزجاج أو ابن عثيمين وغيره من كبار شيوخنا وعلمائنا المتأخرين.
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/09/Pages-from-issue_696.pdf” color=”red” newwindow=”yes”] تحميل[/button]