ما زلنا نؤكد على أصل عظيم وبدهي.. أنه لا تعارض بين آيات الله عز وجل، ولا بين أحاديث النبي]، ولا بين الأحاديث الصحيحة وآيات الكتاب العزيز؛ فإنها جميعا بوحي من الله سبحانه وتعالى. وتعال نقرأ بعض الآيات التي يظن بعض الناس أنها متعارضة، يقول سبحانه وتعالى: }إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين{   القصص: 56 (، }إن تحرص على هداهم فإن الله لا ،) يهدي من يضل وما لهم من ناصرين{ )النحل: 37 ويقول عز من قائل: }وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي.) إلى صراط مستقيم{ )الشورى: 52 ففي الآيتين ينفي الله قدرة النبي] على هداية الناس، وفي الآية الأخيرة يثبتها }وإنك لتهدي{ كيف نفهم هذه الايات؟! كانت خاطرة قصيرة لم أكن قد أعددت لها، طلب إليَّ رواد الديوان إلقاءها قبل تناول العشاء.

– الجواب المنطقي الوحيد لهذا السؤال أن معنى الهداية( مختلف. كان المتحدث )بوفيصل( وهو شاب حديث تخرج وتزوج، وهو في أوائل الثلاثينيات.

– أحسنت يا )أبا فيصل(، بالفعل معنى )يهدى( مختلف في الموضعين، وكلا المعنيين صحيح في اللغة

العربية التي أنزل بها القرآن.. )هدى( تأتي بمعنى )وفّق إلى قبول الحق واتباعه( لا مجرد معرفته، ومن

هذا المعنى قولنا في كل صلاة: }اهدنا الصراط المستقيم{، أي: وفقنا لقبوله والثبات عليه، و)هدى( تأتي بمعنى )ب (ّني، و)أرشد(، و)أوضح(؛ فالنبي] )يهدي( بمعنى )يب (ّني، و)يرشد(، ويشرح، ولكنه لا يملك أن )يقبل من يبين له الحق(، فهذه لله عز وجل وحده بأسباب من عند العبد؛ فالذي يبذل أسباب الهداية يوفقه الله لنيل الهداية، والذي يعرض عن أسباب الهداية يتركه الله عز وجل لما أراد، وفي معنى الإرشاد أيضاً }نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس{ )آل عمران: 4(، }إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور{ )المائدة: 44 (، )وآتينا موسى ،) الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل{ )الإسراء: 2 }هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من .) رجز أليم{ )الجاثية: 11

فالهداية بمعنى )التوفيق لقبول الحق والعمل به( لا يملكها إلا الله ويعطيها من يستحقها بالإنابة والتقوى والعمل الصالح والدعاء، أما الهداية بمعنى البيان والإرشاد، فهي في كتب الله تعالى، وهي مهمة الأنبياء جميعاً والدعاة من بعدهم، وإن كان المرء يرجو أن من يدعوهم يستجيبون له، إلا أن الله أعلم بمن يستحق الهداية ويريدها ومن لا يريد الهداية ولا يعمل لأجلها؛ فهو سبحانه ختم آية الهداية بقوله ،) عز وجل: }وهو أعلم بالمهتدين{ )القصص: 56 أي الذين يبذلون أسباب الهداية القلبية والعملية

[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-658.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]