من الآيات التي تبين الإيمان بالقدر قول الله تعالى:
{وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون} (القصص:68).. وكذلك قوله تبارك وتعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير} (التغابن :2).
وقد نقل القرطبي كلاما للزجّاج وقال عنه: هو أحسن الكلام في هذه المسألة، ونصه: «إن الله خلق الكافر وكفره فعل له وكسب، وخلق المؤمن وإيمانه فعل له وكسب مع أن الله خالق الكفر والإيمان».
وهذا الذي عليه جمهور الأمة.
– وما الذي كتبه الله عز وجل.. وهو واقع لا محالة؟
كنت وصاحبي بانتظار ضيف لنا من مكة المكرمة.. تعرفنا عليه خلال موسم الحج الفائت ودعوناه حينها لزيارة الكويت.. هاتفنا قبل أربعة أيام ليخبرنا بموعد وصوله.
– الذي كتبه الله عز وجل هو علمه الذي أحاط بكل شيء.. فقد علم سبحانه من سيكون مؤمنا.. ومن سيكون كافرا.. وعلمه هذا لا يعلمه أحد من خلقه.. فلا يعلم أي منا.. إن كان قد سبق في علم الله أنه سيموت مؤمنا أو كافرا.. ولذلك يسعى كل منا ويجتهد في الطاعات ليكون من أهل الإيمان.. وهذا معنى قول الزجاج: «الكفر فعل وكسب للعبد يصبح به كافرا، والإيمان فعل وكسب للعبد يصبح به مؤمنا..» فالعبد هو الذي يكسب العمل.. كما قال تعالى في سورة الإنسان: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} (الإنسان:3).. أي بينا له الطريق.. وهو الذي اختار… أن يكون شاكرا.. أو اختار أن يكون كافرا.. وكل ذلك قد علمه الله عز وجل.. وكتبه.. ولنرجع إلى الآية التي بدأنا بها حديثنا.. من سورة القصص فـ«الخيرة» من «التخير» وتستعمل بمعنى المصدر وبمعنى «المتخير».. قيل سببه.. قول الوليد بن المغيرة: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (الزخرف:31).. فالله سبحانه وتعالى.. بحكمته وعلمه يختار للعباد ما هو خير لهم.. فيختار الرسل من خيرة البشر «يصطفيهم».. وليس الأمر للمخلوقات.. وهذا مما اختص الله به.. فلا ينازعه أحد: {سبحان الله عما يشركون}… وهكذا كل أمر كوني.. لا يشارك الله أحد من مخلوقاته فيه.
ظهر على لوحة القدوم أن الطائرة وصلت.
– وبالطبع هذه الآية لا تعني أن العبد لا خيار له في أفعاله… فالواقع يكذب هذا بل العبد له كامل الاختيار؛ ولذلك هو مسؤول مسؤولية كاملة عن أفعاله.. ومحاسب عليها يوم القيامة.. ومجاز عليها.. هو لا خيار له فيما لن يسأل عنه: مولده.. لونه.. نسبه.. عمره… القضايا التي لا دخل له فيها.. إن قضايا القدر تدور على علم الله.. الذي كتبه.. فنؤمن به… وعلى الأمور التي تقع علينا دون اختيارنا فنصبر على ما نكره ونشكر لنيل ما نحب.
وعلى أعمالنا التي نكتسبها… وهذه مسؤوليتنا وسنحاسب عليها.
[button link=”https://www.prof-alhadad.com/wp-content/uploads/2012/08/Pages-from-673.pdf” color=”red” newwindow=”yes”]تحميل[/button]